احنا عرفنا ربنا عن طريقين
عرفناه بالعقل كما قيل في المثل المشهور (( ربنا عرفوه بالعقل ))
لكن العقل خطاء !! ولم يكن الطريق الاول بل المعرفة الاولى جاءت عن طريق الانبياء وهي معرفة حق وموثقة ، فمن آدم الى خاتم الأنبياء كانت نفس الرسالة المبلغة اليهم ، الدين واحد [ قل لا إله الا الله ثم استقم ] ، " شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه " ،
من أين جاءت الفرقة ؟!
جاءت بعد موت الأنبياء وتفارق الأتباع وتقادم العهد على الكتب ودخول التحريفات من اصحاب الهوى وأصحاب المصلحة ، فإحتاج الأمر الى تصحيح المعلومات فتكررت بعثات الأنبياء وتكرر نزول الكتب الى ان ختمت بالقرآن .
اما باب المعرفة الثاني وهو العقل وكما نعرفه طريق اجتهادي بين الصواب والخطأ وهو اداة مسخرة في يد الأقوياء ، ولذلك كان بمثابة متاهة لساكن الغابة البدائي ثم للعلماء والفلاسفة وتخبط فيها أهل المصالح والسياسات ، والعقل البدائي كان معبوداته الخوف ولذلك كان الانسان البدائي يسترضي قوى الطبيعة فعبد الامطار والرياح والرعد والبرق والنار والشمس وعبد القمر والنجوم !! ورأى البدائي اجداده الاموات في المنام فعبدهم ومن هنا ظهرت عبادة الاجداد !!
لكن الانسان البدائي كان بحاجة الى شيء مادي ملموس فتصور حلول ارواح الاجداد في الحيوانات فنشأت العبادة الطوطمية [ من أقدم أشكال العبادات، وعادة ما يكون الطوطم حيوانا، اعتقد الإنسان القديم بأنه أصل القبيلة وحاميها ومنقذها من الأخطار ] ، ثم لم يكتفي الانسان البدائي بعبادة الحيوانات فبدء يرمز للأجداد بتماثيل واصنام ليعبدها وحفظ لنا التاريخ اسماءهم كأجداد عبدوا [ واد وسواع ويعوق ويغوث ونصرا ] ، وفي تاريخ مصر القديمة نجد امنحوتب الحكيم العظيم بعد موته عبد وقدس وكانت تقدم له القرابين .
ومن عبادة الأجداد نجد نوع اخر من العبادات وهو عبادة الحكام والجبابرة ونصب الفراعين والملوك أنفسهم آلهة وأبناء آلهة وسخروا الكهنوت لخدمتهم .
ومن كثرة الالهة استكتر الانسان هذا التعداد العجيب فقسمت الالهة الى آلهة خير وآلهة شر وآلهة حياة وآلهة موت مثل فيشنو وشيفا في الهندية ، ثم ظهرت أول محاولة للتوحيد في مصر القديمة على يد اخناتون لكنه لم يكن توحيد خالص بل كان ناقصا بدليل خاتمة النشيد الذي كتبه اخناتون لربه والذي قال فيها [ احفظ ابنك من صلبك .. اخناتون .. ] لذا لم يكن توحيدا خالصا لأنه نصب نفسه ابن إله .
وفي فارس تصوروه إلهين اثنين [ هرمز و اهرمن ] أحدهما إلها للخير والاخر إلها للشر ،
وفي اليونان عبدوا زيوس كبير الأرباب ثم جعلوا له مجموعة من صغار الآلهة بعدد ما تصوروا من قوى الطبيعة ..
وفي القبائل البدائية الافريقية نجد مزيجا بين التوحيد والوثنيات ، فمثلا في قبيلة الماوماو في كينيا نجدهم يعبدوا الاله موجايي ويصفوه بأنه خالق مقتدر واهب للخيرات يسكن السماء وانه واحد أحد لم يلد ولم يولد وانه خفي ولكن يعرف من اثاره والبرق خنجره والرعد وقع خطاه ، ومع ذلك يخلطوا هذا التوحيد بالوثنية فيعبدوا بجانبه الحيوانات والطبيعة .
وفي قبيلة الشيلوك بجنوب السودان يعبدوا آله يسمونه جوك ويصفوه بأنه خفي وموجود بكل مكان وهو يملك السماء والأرض ولكن لا ينفذ قراراته الاى بمساعدة الملك الحاكم المسمى بـ نيا كانج وهو ملك قديم أنشأ قبيلة الشيلوك ، وفي اعتقادهم انه لم يمت بل انشأ القبيلة واختفى ثم حلت فيه روح جوك وأصبح ممثلا لمشيئته على الأرض ، ومعابده ظاهريا مساكن عادية الا ان الشيلوك يعتقدوا روح النيا كانج تسكنها ، ويعتقد الشيلوك أن روح نيا كانج يمكن ان تحل في عديد من الحيوانات مثل الزراف والثعبان والتمساح وحينما يرى أحدهم فراشة تقف على باب المعبد يصرخ هاتفا هذه روح نيا كانج :D
وفي قبيلة الباري يعبدوا إلهين : جان لوكي وهو رب السماء و جان لوكاك رب الارض ، الأول يرسل البرق والرعد والمطر ويبعث الحياة في الطبيعة والثاني يبعث المرض والموت والحرب وعنده مستقر أرواح الموتى جميعهم وهو كامل في جذور الأشجار ، وهم يقدمون القرابين للاثنين ولرب الأرض والموت أكثر لاسترضائه وتطييب خاطره ، وأهل القبيلة يقدسون أرواح أمواتهم ويعتقدون انها يمكن أن تحل في الحيوانات ولذا فهم يقدسون الأسد والتمساح والثعبان مثل سائر القبائل ..
وفي قبيلة الدنكا - وهم أكثر قبائل الغابة تدينا - لأنهم يعتبرون كل ظاهرة تحدث في الحياة اليومية حتى الظواهر التافهة اشارة إلهية تستدعي ذبح شاة وتقديم قربان يعبدوا إله يدعى نيالاك ومعناها عندهم الأعلي أو الذي في السماء لكنه أنجب ابنا من ام عذراء وينظرون اليه باعتباره خالق الدنيا ومؤسس نظامها ..
وفي قبيلة النوير يعبدوا الرب كاوث وأطفاله ملائكة السماء وكل ملاك له عندهم اختصاص - ملاك للحرب وملاك للصيد وملاك للزرع وملاك للماشية وملاك للأمطار - والملائكة طيور في نظرهم لذلك يحرموا أكل الطيور وحينما تحل روح الملائكة في نويري فإنه يصبح نبيا ،وأشهر أنبياء النوير [ جن دنج ] وقد بدأ حياته شيخا لقبيلة كورمون ثم تلبسته الأرواح فترك أكواخ عشيرته وهام على وجهه في الغابة حيث اعتكف تحت شجرة لا يأكل وبعد شهور من التأمل عاد الى كوخه ليستمر في الصيام وكان يقضي ايامه يتحدث الى نفسه :em_1f606: ويحكى عنه أنه كانت له قوى روحية غير عادية وأنه أوقف وباء الجدري وطاعون البقر بصلواته وآدعياته وانه كان يعالج العقيم والعاقر والمجذوم ..
وبني في عهده حرم كبير قاعدته قطرها 300 قدم وارتفاعه 50 قدم وحول قاعدته مجموعة عائلة من سنان العاج ، والنويري يؤمن بآلهته وملائكته ويتأسى ويتصبر بإيمانه اذا اصابه مكروه ويقول هذه ارادة كاوث واذا ماتت له بقرة يقولك (( كل ما أملك لكاوث ))
الجلي من تلك القبائل وجود اثار للتوحيد وان اختلطت بوثنيات قديمة الا ان السؤال هنا من أين جاءت تلك الملامح التوحيدية ؟
هل وصل لهم أنبياء غير الذين ذكروا في الديانات السماوية ؟
قال تعالى في محكم آياته " ولقد أرسلنا رسلا من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك "
وقال " ولقد بعثنا في كل أمة رسولًا "
الواضح انه ما من امة في التاريخ الا وجاء لها نبي ولذلك من الطبيعي أن يخفى عنا عدد كبير من الانبياء ، لذا فمن المحتمل ان هذه الملامح التوحيدية جاءت عن طريق انبياء ولكن تقادم عليهم العهد واختلطت رسالتهم بالكثير من التحريف ..
وجدير بالذكر ان مهما كانت رحلتنا في التاريخ القديم في جميع انحاء الدنيا نجد ان الانسان كان يقدس شيء باستمرار من اول العصور الحجرية او عصر الانسان الأول المسمى بـ النياندرتال الذي عثرت على حفرياته في اسيا حيث وجدوه مدفون بطريقة أشبه بوضع الجنين في الرحم وكأنهم يرون الأرض رحما وان الانسان سوف يولد من جديد بعد الموت [ العبادة والموت ثم الايمان بالبعث ] ..
from منتديات مكسات http://ift.tt/1FhpcpA
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire