mercredi 3 juin 2015

نسيمٌ عليل.. أقصوصة

قال أن الهواء نسيمٌ عليل ، لا أعلم في أي وقت شعرت!!!
هل يشعرُ العشاق طوال الوقت بأن الهواء نسيم عليل؟! هل تشعرُ الأم حين تقترب من أطفالها بذلك؟! هل يشعرُ الأصدقاء بذلك؟!
تلك الطفلة ذات 11 عام تقرأ درس المطالعة لتحل الواجب .."خرج أحمد وشعر كم أن الهواء نسيم عليل"، توقفت عن القراءة واستدارت نحو والدتها وهي تقطع حلقات البصل، سألتها بشغفِ الأطفال للتعلم
:أمي كيف نشعرُ أن الهواء نسيم عليل وهو بلا لون ولا طعم ولا رائحة؟؟؟!! هل فقط عندما يكون الطقس باردا قليلا ومن دون الشمس الحارقة يكون كذلك؟؟
الأم تتنهد بعمق والتجاعيد واضحة تحت عينيها تنظر إلى ابنتها ليلى تارة وتارة أخرى تنظر إلى حلقات البصل وهي تقطعها: عندما يكون المرء مرتاحا يشعر بأن الهواء نسيم عليل يا ابنتي عندما لا يكون مهموما عندما يضعُ رأسه على الوسادة مرتاح الضمير عندما لا ينتظر أحدا ولا يودع احد
تسألها ثانية باستغراب وهي تضعُ الكتاب جانبا: أمي هل من المهم أن نشعر أن الهواء نسيمٌ عليل؟؟؟!!!
الأم وقد بان الألم على تقاسيم وجهها وهي تبعد بمعصمها خصلة من شعرها عن عينيها: أجل يا عزيزتي الهواء كل شيء فمن دون الهواء لا يمكن للكائنات الحية أن تتنفس ولا يمكنها أن تعيش.
بعد عشرين عام

: ليلى الممرات مزدحمة جدا ولم أجد أي طبيب يشرفُ على المريض أنتِ تجيدين التعامل مع الأطفال تعالي بسرعة معي
تصل ليلى وزميلتها الممرضة سلمى إلى غرفة الطوارئ
سلمى تكشفُ الستار عن الطفل: هذا الطفل مصاب بالربو وضعتُ عليه الأكسجين والى الآن لا يتنفس بشكل جيد
ليلى وهي تمسح بيدها على رأس الطفل: خذ نفساً عميقاً كرر ذلك،
بعد أن هدأ الطفل قليلا، ليلى :لا تخف سيكون كل شيء بخير
الطفل وهو يحاول القيام من السرير وهو ينظر إلى ليلى: أنا خائف أبي أين هو هل مات ؟
ليلى تنظرُ إلى سلمى مستفهمة عن كلام طفل؟؟
سلمى: كان مع أبوه في السيارة وحصل لهم حادث سير، سأذهب الأرى حال والده ليطمئن
ليلى تنظر إلى الطفل بحنان وبتأكيد" وهي تضع يدها على كتفه ليعود ويستلقي": سيكون كل شيء بخير لا تقلق
بعد دقائق يأتي والد الطفل وعلامات الخوف واضحة وهو يعرج متأثرا بإصابة الحادث ماسكاً بيده شماعة المغذي وبيده الأخرى يفتح الستار ليقبل طفله ويحتضنه بحرارة
تستطرد ليلى وتتذكر "الهواء كل شيء"
..........................
تشعرُ ليلى منذ فترة بتوعك في صحتها وأهملت تلك الأعراض إلى أن أصبحت لا تستطيع تحمل ذلك تتجه إلى الطبيب العام لتجري الفحوصات والتحاليل
وبعد عشرة أيام في عيادة الطبيب
الطبيب بصوت هادئ وهو يرتدي نظارته الطبية : آنسة ليلى لماذا أهملتي كل هذه الأعراض لفترة ليست بالقصيرة؟
ليلى شعرت بالقلق يتسلل إلى داخلها وبتوتر: لا أ أعلم هل هناك مكروه؟؟
الطبيب وهو يتنهد بأسف: اتضح في الفحوصات أنكِ مصابة بسرطان في أحدى الكليتين" يسكت قليلا" ويكمل وهو مستسلم ... لقد أنتشر!!! ، العلاج الكيميائي سيكون فقط الإطالة مدة بقائك " مرر أصابعه بين خصلات شعره بتوتر ونظر إلى ليلى بترقب" لكن ستشعرين بالألم والتعب وعدم القدرة على مزاولة أعمالك، "تعلو نبرة الأسف في صوته ويردف قائلا" أما إن أردتِ رفض العلاج لن تطول بكِ المدة
بعد يومين تدخلُ ليلى غرفة شاب عشريني على مشارفِ الموت لتغير له الحقنة
كان يبدو عليها جمود ورغبة في الصراخ وشيء من الكآبة ، كان في ملامحها شيء لا يوصف... تغيرُ له الحقنة بصمت رهيب
ينظرُ إليها ويرى في ملامحها شيء يعرفه يشعرُ بكآبة مألوفة بالنسبة إليه فيبادرها القول
: يقال أن الهواء نسيم عليل هذا اليوم وأن الطقس رائع بالخارج
تنظرُ إليه وتصمتُ لعدةِ ثواني: هل تشعرُ بهذا حقا؟
: ولمَ لا؟! الأني سأموت هذا لا يمنع أن أشعر فالموت له أشكال عدة
تنظرُ إليه ليلى باستغراب تستفهمُ معنى قوله بنظراتها؟؟؟!!!
ينظرُ إليها بهدوء وبشيء من التأكيد ويردد: ينظرُ إليها بهدوء وبشيء من التأكيد: "ما زلت اؤمن
أن الإنسان لا يموت دفعة واحدة
وإنما يموت بطريقة الأجزاء
كلما رحل صديق مات جزء
وكلما غادرنا حبيب مات جزء
وكلما قٌتل حلم من أحلامنا مات جزء
فيأتي الموت الأكبر ليجد كل الأجزاء ميتة فيحملها ويرحل" (جبران خليل جبران)
ليلى: ولكن ألي من الغباء أن ننظر إلى الموت بهذه السهولة؟
هو: أليس من الغباء أن ننظر إلى الموت شيئا مستحيلا لا يمكن حدوثه الآن لنا ولمن حولنا!! لقد اكتشفت بعد أن أصبتُ بالمرض وأصبحتُ على مشارف الموت... أن نظرتي للموت كانت خاطئة جدا، اكتشفت أن أمي حين كانت تتعب في تربيتنا ونحن صغار وتدعو على نفسها بالموت لم تكن صادقة!!! بل الأنها تشعر ببعد المسافات بينها وبين الموت كانت تتمناه!!!
تسطع الشمس بوضوح أكثر من نافذة الغرفة تلتفت ليلى إلى شعاع الشمس تسقط من يدها قطعة التعقيم المبللة تشعر وكأن أشعة الشمس كمن يربتُ على كتفها ويشعرها ببصيص أمل غائبٍ عنها.

وقت الغروب
تمشي ليلى بين زحام السيارات تفكرُ بكلام ذلك الشاب تفكر كم أن تفكيرها ليس تجاه الموت فقط قد تغير وإنما تجاه أشياء كثيرة تفكر كم أن عليها إعادة ترتيب حياتها من جديد!!!


أَيُّها الموت انتظر ! حتى أُعِدَّ
حقيبتي : فرشاةَ أسناني ، وصابوني
وماكنة الحلاقةِ ، والكولونيا ، والثيابَ .
هل المناخُ هُنَاكَ مُعْتَدِلٌ ؟ وهل
تتبدَّلُ الأحوالُ في الأبدية البيضاء ،
أم تبقى كما هِي في الخريف وفي
الشتاء ؟ وهل كتابٌ واحدٌ يكفي
لِتَسْلِيَتي مع اللاَّ وقتِ ، أمْ أَحتاجُ
مكتبةً ؟ وما لُغَةُ الحديث هناك ،
دارجةٌ لكُلِّ الناس أَم عربيّةٌ
فُصْحى/
"محمود درويش"
..............................
وبعد تأرجح ليلى بين قرار مباشرة العلاج الكيميائي أو رفض العلاج ، تختار أن تباشر العلاج لتكون مع المرضى اللذين يشارفون على الموت
ليلى تجلس في حديقة المشفى تساقط شعرها بأكمله وحاجبيها وخسرت الكثير من وزنها ، يجلس بجانبها ذلك الشاب العشريني
هو: لماذا اخترتِ مباشرة العلاج؟
هي: لا أدري،، "تسكت قليلا ثم تكمل" لا أدري إن كان موتا تدريجيا لئلا أفاجئ من حولي أو أنني أهيء نفسي،، أو لأنني أريد أن أكون بين أناس يشعرون كما أشعر" تنظر إلى السماء وتكمل" ولن تكون مشاعري غريبة بينهم " تدندن بألحان معزوفة تحب سماعها" تردف قائله: أتعلم أشعر أن الهواء نسيمٌ عليل
هو: يبتسم
تمت
(نظرتنا الأشياء تعكسُ شيء من داخلنا أحيانا)

أرتب النسيان


from منتديات مكسات http://ift.tt/1IftfqO

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire