صوتٌ جاسَ في الضباب
شمعةٌ أفاقَ سناها من ليلِ الانتظار
قالَ حبيسُ البئرِ يا منقذي مدّ لي حبلاً
قافلةُ الإيابِ تاهتْ في الأرضِ اليباب
صعدَ الرجاءُ مبللاً بالدمع
عادَ الرجاءُ يقلّبُ الكفينِ منكسرا
كأنّ الصوتَ ملحٌ وذاب
كأنّ الصوتَ من نسجِ السراب
بكى أملَه المُجهض
بكاه بدمعٍ كليلٍ أُجُاج
نادى : أيا أيوبَ صدري لا تنم
إنّ بعضَ النومِ موتٌ و اندثار
و ارعَ ما أبقته منّي السنينُ العجاف
أيوبُ إنّي لا أرى مُنجدي و الضُرُّ قد شفّ خافقي
بالله قلْ لي
أينَ تُراه المنفذ ؟! أينَ تُراه النور ؟!
.~.
ذكرى من الوجعِ المريرِ تنزّ في صدره
تحشدُ الظلمَ و القهرَ و الجوعَ و البردَ من ليله
تنثرُها أمامَه ثم تقولُ كعرافةٍ قد قرأتْ سرَّه
إنّ زمانكَ يا ولدي لن يترك فرحةً بتول
سيقذفكَ بالويلِ و الثبور
ستشتهي الغيثَ لدهور
ستسير أربعينَ عاماً في التيه و حريقٌ في جراحكَ يمور
ثم تسقطُ سهواً من ذاكرةِ الزمانِ كأنكَ لم تكون
قالَ و الخوفُ يُرعده : حسبكِ يا ابنةَ أمسي
لا تصبّي على قلبِ المُعنّى من حميمِ الهمسِ
قدري أعرفُه
حجارُ البئرِ تشهدُه
ما مرَّ يومٌ إلا و أنا أندبُه
أواه ، ما للبئرِ تكادُ تطبقُ فكّها ؟!
قد استشرى لعَمري غِلُّها
إنّي أرى موتي في عينها
أيوب .. أيوب
أينَ تُراه المنفذ ؟! أينَ تُراه النور ؟!
.~.
نملةٌ وقعتْ في أسرِ عنكبوت
ظلّتْ تصارع ُو تصارعُ الموت
دُهشَ الحبيسُ ، كيفَ أرادتَ النجاةَ و لا سبيلَ إلا الموت !
جاءَ الصوتُ يقدحُ الأعماق ، يُزيحُ الظلماءَ عن قلبِ السجين
إنّكَ مسكينٌ مسكين
حيّ أنتَ و لا علمتَ أنَّ سرَّ الحياةِ في الكفاح !
و أنّى تعلمُ وعيناكَ تبصرانِ البعوضةَ فيل ؟!
تَضجّ بالشكوى و الأنين و الدمَ على القميصِ أنتَ أنتَ سفحتَه
عجوزُ البكاءِ فتحتْ لكَ بابَها فدخلتَ و حثوتَ الترابَ معَ الحاثين
هل فكَّ الحزنُ يوماً سجنَ الحمامة ؟!
هل أعادَ للخنساءِ صخراً أو أعادَ حجراً مِنْ غرناطة ؟!
لو بكيتَ العمرَ كلَّه لن يبعثَ النحيبُ أملاً بات التراب مُقامَه
عبثاً تظنُّ الأماني تفتحُ ذراعيها باسمةً أو تقولَ حيّهلا
أو أنَّ سيلَ الخطوبِ سيوقفُ عرمرمَه
عبثاً تنتظرُ منقذاً و حبلُ الوصولِ معك
احمِلْ عزماً و أهوي به فوقَ المستحيل ، قُتلَ اليأسُ ما أكذبَه
قمْ و اقرأ على حجارِ البئرِ سورةَ الزلزلة
فإذا هي تنَاثرُ كالهشيمِ تذرُوه الحقيقةُ المحجّلَة
و امضِ..
تهزُّكَ الريح ، تصفعُك ، تَحنيك
و امضِ..
أطياف التائهين تجذبُ قدميك
غناءُ عروسِ البحرِ يناديك
و امضِ..
نورٌ من السماءِ سيأخذُ بيديك
ذاكَ المنفذُ .. ذاكَ المنفذ..
from منتديات مكسات http://ift.tt/1vTBqUs
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire