lundi 27 avril 2015

ذئب ليلى .. في المحكمة !

ليلى والذئب ..كلنا نعرف قصة ليلى من منظور ليلى .. ولكن ما قصة الذئب على لسان الذئب ؟

اسمعوا ثم احكموا

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


ولى الربيع وتلاه صيفه، وها هو يُقبل خريفي .. وصارت غابتنا جوعى فقيرة .. أوراق شجيراتها تتهاوئ في الهواء وبخلت على مواطنيها بالغذاء فنزح أبناءها واختاروا العيش في غابات بعيدة ..

لكنني بطبيعة الحال بقيت .. من أنا ؟ أعذروني سادتي هيئة المحلفين الكرام .. عدت بذاكرتي أوصف حال غابتي .. حال بيئتي التي أولدت في نفسي دوافع الجريمة بعيونكم .. ونسيت التعريف عني ..

أنا ذئب كأي ذئب .. لي فراء لا هو أسود ولا هو رمادي .. ولي أذنان لا بالطويلتان ولا القصيرتان، أذنان تسمعان وحسب .. ولي أنف لا شيء فيه مميز عدا أن يشم الروائح ويميزها كأي ذئب آخر .. وأيضا لي هذه الأسنان الحادة اللتي وهبني إياها خالقي كي أقضم طعامي وأحيا ولكن البشر -يا سادتي هيئة التحليف- ما ترى في أسناني غير سلاح الجريمة .. وبهذا الوصف أكون ذئبا كأي ذئب آخر في غابتي أو أي غابات الدنيا .. غير أن اسمي صار بعد الجريمة التي نسبت إليّ .. ذئب ليلى !

في أمسية ذاك اليوم -المشئوم- لم أجد طعام يَشبع معدتي .. فكل طعامي كان من النازحين عن غابتي .. وتخبطتُ ذاك اليوم أتضور جوعا ولا أكاد أجد ما يسد رمقي .. وإذ بي فجأة أشم رائحة زكية استجابت لها معدتي الخاوية فمضيت أتبعها حتى رأيتها وأنا مختبئ خلف جذع شجرة يابسة .. لم أرى منها غير رداءها الأحمر وحقيقة نظرت له مصادفة حيث أن عيني تعلقتا بالسلة بين يديها .. حيث الرائحة الزكية .. وتعلقت عيناي بالسلة .. أؤكد لكم إني وإن كنتُ ذئبا لم يشهني لحم الصغيرة الطري ! أبدا ما شدني ، أوكد لكم إني ذئبٌ شريف وأحترم جدا الصغيرات ولا أشتهي لحمهن !

لذا ولأني ذئب شريف يعرف قواعد الأصول والذوق تقدمت بهدوء نحو الصغيرة التي لم تفزع مني أبدا لأنها حقا رأت في عينيّ إني ذئب محترم جدا ولا يمكن أن أؤذيها .. ألقيت تحية لطيفة للآنسة الصغيرة وردت الصغيرة التحية ببشاشة ولما رأيت بشاشة الصغيرة سألتها عن اسمها فأجابتني : ليلى فقلت لها إن لها اسما حلوا جدا وأردت أن أقول (حلوا كحلاوة رائحة سلتك) لكنني امتنعت أن تسئ الآنسة ليلى ظني .. طلبتُ من الآنسة ليلى أن نلعب قليلا ونتبادل القصص والحكايا لكنها امتنعت بأدب شديد وأخبرتني أنه يجب أن توصل الفطائر التي أعدتها والدتها إلى جدتها بسرعة .. حيث أن جدتها مريضة لا تقوى أن تغادر سريرها .. حينها أظهرت أسفي على جدتها المريضة وقبل أن أغادر الآنسة ليلى اقترحت عليها أن تجمع بعض الأزهار وأشرت لها بأنها ستجد أزهارا لم تطلها يد الخريف بعد قرب إحدى الصخور في طريقها لجدتها .. ثم تركت الآنسة وعدت أبحث عن طعامي .. وأؤكد لكم أيها السادة هيئة المحلفين أنه لم تكن أبدا في سريرتي أي نوايا شريرة أبدا ..

وذهبت أتبع طريقي فإذ بي أمام منزل جميل خشبي فقلت أسلم على أصحاب المنزل ما دمت مررت مصادفة من هنا حسب ما تقتضيه أصول اللياقة الكياسة وطرقت الباب برفق فسمعت صوت أنينا من الداخل فأخذني الجزع والخوف على أهل المنزل الكرام فسمحت لنفسي بالدخول لأطمئن على صاحب الدار ، فتحت الباب فوجدت امرأة عجوز ترقد في السرير تئن أنين المتألمين اقتربت منها وتفرست معالم وجهها .. فأدركت بسرعة بديهتي أنها جدة الآنسة ليلى، حاولت ايقاظها فلم تستيقظ فخفت أن يكون أصابها سوء وتخيلت الفتاة البريئة تجزع أن رأت جدتها على هذه الحال .. مساكين هم الصغار -يا سادتي- سريعون التأثر .. فخطرت لي وقتها فكرة لأدخل السرور لقلب الطفلة إن وصلت .. فحملت الجدة برفق .. أوكد أيها السادة أني حملتها برفق ونقلتها للغرفة المجاورة .. كلا لم أحبسها في صندوق كما وجهت لي الاتهامات الباطلة .. بل حملتها برفق للغرفة المجاورة ودثرتها بغطاء دافئ ووفرت لها سبل الراحة الممكنة .. ثم أخذت بعضا من ملابسها التي وجدتها في دولاب الغرفة الأخرى وارتديت ملابس الجدة وأخذت مكانها في السرير ..ما هي إلا لحظات حتى سمعت طرقات خفيفة ودخلت على أثرها الآنسة ليلى .. فغطيت وجهي بغطاء الجدة اقتربت مني ليلى وعلى وجهها محيا ابتسامة قلقة .. ودار بينني الحديث الآتي:

- جدتي .. ما هي أخبارك ؟ إنها أنا ليلى
- مرحبا صغيرتي ليلى .. إنني كما ترين بخير غير أني أشعر ببعض الوهن في جسدي
- جدتي .. ما لصوتك قد أصبح خشنا ؟؟
- حبيبتي ليلى .. المرض أرهق جدتك وأخشن صوتها
- جدتي .. أذنيك .. أذنيك طويلتان!
- صغيرتي ليلى .. أذناي طويلتان حتى أسمعك جيدا
- وعيناك يا جدتي .. ألا تبدوان اليوم أكثر بروزا ؟؟
- أيتها الحلوة ليلى .. عيناي بارزتان حتى أراك جيدا .. أضعت نظارتي مؤخرا
- جدتي ..ألا يبدو أنفك طويلا بعض الشيء؟
- كلا أيتها الشقية الحلوة .. بل رائحة فظائر أمك جعلت أنفي يستطيل قليلا فقط

- وأسنانك يا جدتي أنها مخيفة قليلا !
وهنا يا سادتي موضع اللغط .. أولئك من يتهمونني ينسبون لي أقوالا لم أقلها .. يزعمون أن قلت للصغيرة ليلى أن أسناني حادة حتى أكلها .. كذب وافتراء .. من سيأكل الصغيرة الحلوة ليلى ؟ .. إنما أجبتها لحظتها : إن أسناني حادة حتى أستطيع أن أكل فطائر والدتها الحلوة .. وفجأة لا أدري كيف انقض علينا صياد مجنون .. انقض هكذا دون مراعاة للأداب العامة وهجم على بيتنا وأخذ يصرخ .. ليلى حذار .. إنه الذئب سيأكلك .. هكذا أخذ يكيل علي اتهامات باطلة .. ليلى نفسها كانت دهشة وغاضبة جدا من موقف الصياد .. اسألوها إن كنتم لا تصدقوني .. وأخذ الصياد يجرني جرا بدعواىِ باطلة وهو يعتقد نفسه بطلا حين امتدت يده على مخلوق ضعيف مظلوم لم يملك حتى أن يدافع عن نفسه ولا عن حقه .
.
سادتي هيئة المحلفين .. سادتي القضاة الكرام .. سادتي البشر ذو النوايا الحسنة .. سادتي المخلوقات التي تحمل في صدورها انسانية .. اقضوا ما أنتم قاضون .. احكموا على جسدي بالجلود وإن شئتم اشنقوني .. لكن لا تهربوا من ضمائركم حين تطلقون عليّ حكما دون أن تسمعوا قولي .. حين ترفعون طرفا على حساب طرف آخر ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
(تمت)


from منتديات مكسات http://ift.tt/1EIsLIw

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire